السبت، سبتمبر ٢٤، ٢٠١١

!!!لى صديق حلوف بأقوال الرئيس شغوف....الفلولى



لم يكن سلامة صديقا بالمعنى الحرفى للصداقة....فهو لم يكن كعلى وزة يحمل عنى نوبتجيات الامتياز اذا ما تصادفت مع ماتشات الزمالك، و لا هو كدعاء التى تمض لى حضورا و انصرافا بينما انا نايم فى بيتنا، كما أنه ليس كهانى الذى دوما ما أطمئن خطيبته بأنه نايم فى القسم جنبى
(بس موبايله فاصل شحن) بينما هو يقضى الليل متصرمحا مع خطيبته القديمة (الشريفة العفيفة) فى أحضان العين السخنة.....إلى آخر تلك الأمور من واجبات الصداقة و لوازمها.



الحقيقة أن سلامة ليس صديقا على الإطلاق....أول ما شاهدته كان فى تلك الأيام التى كنت أضطر فيها للاستيقاظ مبكرا لأنحشر مع الآلاف فى ممر ضيق فى مرور المعادى منتظرين طلوع الرخصة (أو طلوع روحنا، أيهما أسبق)....و الحق، و رغم عادتى الأزلية فى عدم الاكتراث بمن حولى، فقد لفت نظرى ذلك الشاب الواقف أمامى، لا لقميصه المشجر أو لشاربه الأشبه بشوارب المخنثين، و لكن لقدرته المدهشة على إقناع كل فرد فى الطابور بأن
(أنا اللى قدامك ....احجزلى بس على ماجيب طابع!)، حتى تجده متسرسبا فى خفة إلى الشباك فى وضاعة تثير الإعجاب....و كان هذا الشخص هو سلامة!



كنت فى البداية أصنف علاقتى بسلامة على أنها نوع من ذلك التعذيب المعتاد و الذى يتعرض له أى طبيب فى أى تجمع بشرى بمجرد معرفة حقيقة عمله، فبعد تبريقة واضحة مع رفع للحاجبين مشفوعا بكلمة ما شاء الله
(الشبيهة بكوتى كوتى كوتى الخاصة الأطفال) يبدأ الجزء السئ من اللعبة بانهمار الاستشارات المجانية (ما بين ابن يرشح أو ابنة تسهل أو زوجة لا تكف عن الحكاك)  انهمار صفعات الأهالى على قفا أخينا الشندويلى لرفضه حجز أحد المرضى بالمستشفى، مع وعد متكرر بالحضور للعيادة و هو ما لايحدث فى الأغلب لاطشين قيمة الكشف الوهمى فى جيوبهم، وحده سلامة الذى أتى.....و ليته لم يفعل!!



تعرفت على سلامة فى ذلك اليوم و تبين أنه يعمل كصبى محامى مهمته تخليص الأوراق و المصالح الخاصة بالمكتب الذى يعمل به (و منها رخصة سيارة صاحب المكتب كما هو و اضح)، و من سوء حظى أن علمت بأن المكتب الذى يعمل فيه سلامة يقع بجوار العيادة الخاصة بى مما جعل زياراته المتعددة لى أمرا واقعا لا فكاك منه، و الحق أن الرجل لم يكن سخيفا أو سئ الخلق، فقد كان يدفع الكشف فى كل مرة
(و هو المهم) كما أنه بسيط طيب القلب، يقدمنى بفخر الى من معه قائلا (التكتر محمد....اللى عالج أمى من التينيا!!).... و ربما لا يعيبه سوى تجوله بين المحاكم بسوستة بنطاله المفتوحة دوما لتكشف أن الرجل من القلائل المرابطين على أعتاب عصر البوكسرات و لم يدخلوه بعد مكتفيا بالغيارات التقليدية، و هو ما فسره لى فيما بعد قائلا (دة بوكسر أبيض)!


لم يصبح سلامة ضيفا ثقيلا إلا منذ بدأ فى الحديث عن السياسة ليتحول بعدها الى
(ألم فى المؤخرة) كما يقول الامريكان، حيث كان مستفزا للدرجة التى كانت تجعلنى أجادله حتى يرتفع الضغط عندى، ثم أصبحت أكتفى بالتأمين على ما يقول فى لا مبالاة، فالسماع مع هز الرأس، لأنتهى فى آخر المطاف إلى هز الرأس دون استماع!!



فى البدء كانت أحاديث سلامة عن السياسة شديدة السطحية متمثلة فى بعض العبارات المبتذلة التى يتداولها المصريون و أسلافهم منذ أيام سقنن رع و أمنحتب من قبيل
(البلد دى بقالها خمستلاف سنة بتتسرق و لسة فيها فلوس) و (كل حاجة فى البلد دى بتغلى ماعدا البنى آدم هوة اللى بيرخص) أو (لو اللى فوق نضيف البلد كلها هتنضف) إلى غير ذلك من كليشيهات القهاوى و المنتديات.....ثم تطور الأمر و أصبحت لسلامة نظرياته المتفردة فى علم السياسة حيث ظل حتى وقت قريب مقتنعا بأن الحرب الأهلية هى تلك الحرب التى ستقع يوما ما بين الاهلاوية و بعضهم (دى غيرالحرب الطائفية يا تكتر بتاعة المسلمين و المسيحيين!)، و أن لبن لادن ابنة تدور على حل شعرها فى مراقص الخليج، بالإضافة الى اعتقاده الازلى بأن الاخوان تحالفوا مع الجنزورى لعمل انقلاب عسكرى و هو ما اكتشفه الرئيس المخلوع ليعجل بنهاية الرجل فى الوزارة!!.....و لسلامة عدوين فى حياته لا ثالث لهما كما يقول دوما (ماحدش مضيع شباب البلد دى يا بيه الا الرجالة أمهات دقون و النسوان أمهات ستريتش....دول تاعبينا من فوق، و دول تاعبينا من تحت)!! 


و رغم اعتراف سلامة لى ذات مرة بأنه استخرج كارنيه الحزب الوطنى خصيصا للاشتراك فى رحلات الاقصر و اسوان المخفضة الا ان الرجل اصبح من يومها منافحا عن الحزب لينافس مجدى الدقاق أيام مجده فى لفته اليومية على الفضائيات، فهو يرى أن جمال مبارك أصلح من يحكم مصر بعد الريس لكنه
(ما بيعرفش يسوق نفسه)، أما أحمد عز فهو رجل أعمال وطنى لكنه (ما بيعرفش يتكلم)، أما محمد كمال فهو قيادى حزبى فذ مشكلته الوحيدة انه (ما بيعرفش يطلع على فضائيات)....و رغم ما قد يعتريك من شفقة على حال بلد اجتمع كل هؤلاء (اللى ما بيعرفوش) على حكمه، الا ان سلامة يثق فى حنكة الريس اللى (عارف دبة النملة ومش هيسيب البلد الا للى يستاهلها).....و لسلامة افتتان خاص بشخصية الرئيس السابق جعلته الوحيد ربما فى مصر كلها الذى يسمع خطاباته المملة و نكاته السمجة ليستشهد بها فى اية مناسبة حيث يراه بطل الحرب و السلام و ذلك الرجل الذى حمى مصر من الاحتلال الاجنبى و اللى نيم اسرائيل من المغرب يوم 6 اكتوبر على حد قوله!



و رغم انقطاعى عن العمل فى الايام الاولى للثورة و ما تلاها، الا ان عودتى و مقابلتى بسلامة كشفت لى بأن الفلوليين كلهم سواء، و أن (الفلولية ملة واحدة)....فقد تحول الرجل مائة و ثمانين درجة، فأصبح بقدرة قادر واحدا من الثوريين الأقحاح من سكان الخيم و ملتحفى البطاطين، لا يبدأ كلامه سوى بجملة
(احنا لما كنا فى التحرير) لاعنا سنسفيل الحزب من أيام مصطفى كامل، و معرضا بأمهات قياداته مع اختصاص قيادى معين بذكر عضو حساس من أعضاء الست والدته (علما بأن هذا القيادى ياما تخصص فى تصوير هذا العضو بالذات!!) ليصبح بذلك من أهم الحناجر الثورية على مستوى البساتين و دار السلام!!



و مع مرور الوقت، و نجاح القائمين على الثورة من مجلس و حكومة و ثوار فى تفريغها من مضمونها، فقد قام سلامة بالانضمام الى حزب جديد ألا و هو حزب
(مش قلتلكم!) بزعامة الكاتبة الألمعية لميس جابر* و بعض صبيانها من عينة توفيق عكاشة و أحمد ظبايضر**، و هو أحد الأحزاب الصاعدة بسرعة الصاروخ فى سماء حياتنا السياسية متقدما على جميع الاحزاب الناشئة منها و العتيدة، و مزاحما للحزب الأقوى فى مصر ألا و هو (حزب الكنبة)، حيث تقوم مبادئ هذا الحزب على إشعار كل مصرى بالندم و الحسرة على القيام بالثورة و الترحم على كل يوم من أيام المخلوع، و أن نار مبارك ولا جنة الثورة..... و رغم اتساع القاموس اللغوى لسلامة بحكم قربه من طائفة المحامين، إلا أن مفرداته أصبحت تنكمش و تتقلص يوما بعد يوم لتنحصر فى فعل (خرب)بشتى تصريفاته لوضعه فى العديد من الجمل المفيدة من قبيل (خربتوها و قعدتوا على تلها!!) مرورا ب (استنوا، لسة الخراب جاى) و انتهاء بمعزوفة (اللى يحب مصر، ما يخربش مصر....تيكلم)!، و ككل الفلول لم ينس سلامة اللعب على وتيرة الملك لير الذى يواجه جحود أبنائه قائلا (و الله العالم اللى شايفينه فى القفص و شمتانين دول فجرة، دة أنا أبويا لو حط الشمروخ فى....و لا أقدر أرفع عينى فيه، أبويا و بيربينى)، و رغم أن  أسلوب وضع الشماريخ فى بعض المناطق الحساسة قد يبدو أسلوبا غريبا للعقاب، إلا أن من الواضح أن ثلاثين عاما من النفخ المتواصل قد تسفر عن هذا القدر من المازوخية!!! 
 
متى طردت سلامة.....لا أذكر، و لكننى أذكر أنه كان بعد أن توقف عن دفع الكشف!


هوامش


زبايدر*

شاب مصرى نابه يعتبره العديدون أنبغ أبناء جيله، يعرف نفسه بأنه طالب فى آداب المنصورة رغم أن هيئته و طراوته ترشحانه لآداب الأزبكية على أقصى تقدير.....بدأ حياته كمغنى و صبى عالمة فى بارات شرم الشيخ لينتهى به الحال (كمعظم صبيان عوالم هذه الأيام) إلى أن يصبح مذيعا لامعا لبرنامج أسبوعى فى الوقت الذى يجلس فيه حمدى قنديل فى منزله.....و لأن صاحب هذه القناة كان من بواسى الأيادى فلا بد و أن يكون مذيعيها بالضرورة من لحاسى البيادة و هو ما يفعله الأخ ظبايضر بامتياز حيث يجلس أمام المشاهدين كل أسبوع ليبدأ فى نظم الخطب العصماء لمساندة الجيش ضد الميليشيات الصربية القابعة فى ميدان التحرير تاركا بربوره متدليا أمام الكاميرا فى مشهد تلفزيونى مهيب.....و يعتبر الكثير أن أخينا هذا هو المعادل الموضوعى الذكورى للدكتورة لميس
(إن جاز اعتباره ذكرا و اعتبارها أنثى) فى لطم الخدود و شق الجيوب على حال البلد بعد الثورة حيث يراها مؤامرة ماسونية صهيونية مهلبية قامت بها مجموعة من الملثمين بعد أخذ كورسات بعد البكالوريوس لقلب أنظمة الحكم بتمويل من ال(فريدرم) هاوس.... ومن الجدير بالذكر أن المذكور يعيش حاليا على أدوية الصرع و التبول اللا ارادى بعد ان ابتلاه الله بهما كعقاب على قصيدته الخالدة (رصيدى خلص يا ست الكل...اشحنيلى كارت بعشرة!)، كما شوهد فى الآونة الأخيرة مكثرا من تناول مسحوق المخاصى و مشروب البيريل.....لعل و عسى!







لميس جابر**

ندابة الثورة الأولى و أحد الإفرازات الصحفية فى عصر ما بعد المخلوع، ترى أن كل من احتبس بوله و جف ريقه فهو عقاب له على خلع الرئيس، و أن أيا ممن أسهلت أمعاؤه و و تقرحت معدته فهو من نتائج خراب ما بعد (هوجة) يناير، تشعر بالنشوة مع كل طريق يقطع، و تصل للأورجازم الصحفى بعد أى اعتداء على أقسام شرطة، تستكتبها بعض الجرائد المشمومة كاليوم السابع لتجلد المصريين على ثورتهم و تعايرهم بهمجيتهم و قلة أصلهم......و لن تحتاج إلى جهد كبير لتعرف أن الدكتورة لميس هى من يكتب التعليقات على مقالاتها، فتفاهة ما تكتبه مذيلا بتعليقات من عينة
(ينصر دينك يا دكتورة) أو (يسلم قلمك يا لميس) أو حتى (انتى مش كاتبة انك ساحرة تسحرينا بقلمك الناضج!!) خير شاهد على ان الدكتورة كاتبة من طراز ال (دبل فيس) الذى يسلم المقال للمطبعة فى الصباح ليسهر على تأليف الكومنتات فى المساء!! 



و لأنه من الواضح أن الدكتورة تشعر بالحكاك من جميع الثورات من أول ثورة القرامطة و حتى ثورة الشك....فلا يخلو مقال للدكتورة من تلقيح على ثورة يوليو و بالأخص الأستاذ هيكل
(و الذى يمثل عقدة غير مفهومة عند الدكتورة المذكورة) حتى و إن كان موضوع المقال عن عمارة ساقطة أو بكابورت طافح ، و هو ما ليس بمستغرب على كاتبة اعتمدت على خدود تيم الحسن الملظلظين لإقناع المراهقات بأن الملك فاروق قبل خلعه (واضح ان الدكتورة عندها مشكلة مع المخلوعين بصفة عامة!) من قبل ضباط الجيش المتوحشين كان ملكا طيبا حبوبا ابن نكتة ، عاشقا للشعب المصرى و ملوخيته فى آن واحد!!



و رغم كل هذا فلا مشكلة على الإطلاق فى أن تكتب ما تشاء و تشتم من تشاء متى تشاء من منطلق ان
(أهيف منها و بيكتب)، و لكن المشكلة الرئيسية بالنسبة لى تكمن فى اعتبار المذكورة نفسها كاتبة كوميدية وهبها الله موهبة الكتابة الساخرة رأسا برأس مع  محمد عفيفى و بلال فضل و جلال عامر، ليمتزج هذا الاستظراف مع سماجة لا تخفى على العين ليصبح الناتج النهائى (شيئا) مثيرا للشفقة و مدمرا لفن الكتابة الساخرة و للأعضاء الداخلية للقارئ فى آن واحد.....و لأنه لا أحد يستطيع أن يمنع المذكورة عن الكتابة فى الجرائد أو من الظهور فى برامج رمضان (و هو ما لا أملكه)، فقد قررت الامتناع نهائيا عن متابعة الدكتورة مقروءة كانت أو مسموعة حفاظا على ما تبقى من أعصابى و من أعضائى الداخلية (و هى تقريبا كل ما املكه)!!




-:الحلقة القادمة
ياللى أمك ما بتلبسشى (****).........الليبرالى